الولي الصالح سيدي الشيخ بن حكوم
الولي الصالح سيدي الشيخ بن حكوم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي، خص أولياءه بلطائف الإيمان طَولا وإمتنانا ، وألّف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا ، ونزع الغل من صدورهم فظلوا في الدنيا وفي الآخرة رفقاء وخِلانا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أكرم المؤمنين بالنظر إليه يوم القيامة عيانا ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، إختاره وإصطفاه ورقّاه مراتب وأعيانا ، ثم بعثه متممّا لمكارم الأخلاق إلى كافة الخلق إنسا وجانا ، وهدى به السبيل الأقوم لمن سبقت له عناية الله رحمة وإحسانا ، وأحيى به طرق الإيمان بعد أن جُهِلت مكانا ووهت أركانا .صلى الله وسلم عليه، وعلى آله السادة المتقين الذين جعل الله محبتهم للسعادة الكبرى عنوانا ، وأصحابه الأكرمين الذين فازوا بقربه من الكرامة شرفا ورضوانا . أما بعد :
فهذه نبذة مختصرة من حياة الرجل الولي الصالح التقي الورع المصلح المجاهد في سبيل الله الشهيد سيدي الشيخ بن حكوم، من نسل الولي الصالح سيدي الحاج عبد الحاكم بن الشيخ الولي الصالح عبد القادر بن محمد المكنى بسيدي الشيخ رحمهم الله جميعا .
كان سيدي الشيخ بن حكوم أصغر الإخوة الثلاثة، وكان أبوه قد مات قبل أن يستوفي هو السنة من عمره. و كان صيادا ماهرا للغزال والنعام، إكتسب من وراء الصيد ثروة مهمة كان يدخرها له أخوه الأكبر سيدي محمد بن حكوم. وقد استطاع أن يشتري بها ضيعا من النخيل بقرية تاغيت الجزائرية جنوب بشار، وأولاد عيسى بالجنوب الجزائري النائي، وتافلالت وفكٌيكٌ بالمغرب، هذه الضيع التي لا زالت في الأصل ملكا لحفدته.
ولا بد من الإشارة، وبروايات صحيحة عن طريق سيدي الحاج الشيخ رحمه الله حكاها أكثر من مرة، أن هذا الرجل قد تربى تحت حضانة أخيه الأكبر سيدي محمد بن حكوم السالف الذكر، وكان طوع يدي أخيه بمعنى الكلمة، وكانت العلاقة بين الرجلين في غاية ما ينبغي. فسيدي الشيخ هذا عند الكبر كان مولعا بصيد الغزال والنعام بالصحراء، وكان يأتي بعوائد ما يحصل عليه إلى أخيه بإعتباره المسئول عن العائلة، وكان أخوه يدخر له مردوده في خفاء، إلى أن واتت فرصة تزويجه فقدم له أخوه جميع ما كان يدخر له، فصار الرجل في بحبوحة من الرزق بفضل الله عليه إبتداء، ثم بفضل سعيه المشكور وحسن تدبير أخيه وشدة محبته إليه، ولا غرو فتلك شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أكلها كل حين بإذن ربها..
ولما إنطلقت الثورة المعلومة التي قام بها أولاد سيدي الشيخ من1864 إلى 1879 ضد الإحتلال الفرنسي للجزائر، إنضم سيدي الشيخ بن حكوم للجهاد في صفوف الجيش المجاهد إخوانه ( أولاد سيدي الشيخ ) وبعد أن قضى به عدة سنوات وكانت له مواقف وشجاعة وكرامات... وافته المنية في ميدان المعركة مع مطلع سنة 1871م . بعد أن كان إبنه الأصغر سيدي أحمد بن الشيخ، لا يتجاوز عمره تسعة أشهر، الشيء الذي جعل أخاه سيدي محمد بن الشيخ هو الذي يتكفل برعايته وتربيته بإعتباره أخاه الأكبر.... دفن الولي الصالح سيدي الشيخ بن حكوم بالقرية المسماة "عرق فراج "، حيث أقيم له بها ضريح معلوم تأمه القبائل المجاورة التي تقيم عليه موسما سنويا. وعرق فراج قرية نموذجية بالقطر الجزائري توجد على مقربة من مدينة العبادلة 13 كيلومتر جنوبا، هذه الأخيرة التي توجد بولاية بشار على بعد 120 كيلومتر جنوب بشار المدينة.
ومما يروى عن هذا الرجل كرامة متواترة عند أهل المنطقة مفادها أنه كان مدفونا سابقا على ضفة نهر مجاور لمقامه الحالي، ولما توالت سنون من الأمطار الغزيرة على الناحية، كاد النهر إن يأتي على القبر، فاجتمع خدامه من الناحية لينظروا في الأمر، فأجمعوا على أن ينقلوا جثمانه بعيدا عن مجارف المياه. ولما قاموا بفتح القبر، إذا بهم يفاجئون بجسده الطاهر لا زال على حاله، لم يجدوا عليه أي أثر، حتى كفنه وجدوه باقيا على حاله كأنه قد دفن قبل حين، رغم مرور عقود من الأعوام على دفنه، ولله في خلقه شؤون. وخدام زاويته والضريح هم قبيلة ذوي منيع، قصتهم مع سيدي الشيخ أنه ذات مرة مر عليهم وكانوا لا يهتمون بالدين كما ينبغي ووعظهم وعلمهم برفق ولين وتقبلوا نصائحه بصدر رحب ، ووقعت لهم معه كرامات شهيرة جعلتهم يتمسكون بحبه وبخدمته وبإحترامه كولي لله صالح وكحفيد لشيخهم سيدي عبد القادر بن محمد مؤسس الطريقة الشيخية
للعلم فإن جميع أولاده وحفدته موجودون بالمغرب وخصوصا شرق المملكة المغربية ناحية وجدة وعين بني مطهر، وبالتالي فوجوده لوحده ناحية بشار الجزائر، كان لظروف إستثنائة. ولمعرفة أسباب وجوده هناك نذكر نقطتين أساسيتين، أولاهما أنه كان مولعا بالصيد، خصوصا صيد الصحاري، مما جعله يعتاد زيارة تلك المناطق، بل ويشتري بها ضيعا وبساتين من النخيل كما هو شأن بساتينه بواحة تاغيت بالذات ( الجزائر). وثانيهما أن الرجل كان مجاهدا،
ترك ثلاثة أولاد وبنتين
سيدي محمد، سيدي أحمد، وسيدي أحمد
وبناته : فاطمة وفاطنة .
بحث وتحقيق مقدم الطريقة الشيخية حاكمي مصطفى
