sourati

مع الحاج برايدةه

مع الحاج برايدة


أتى سيدي أحمد بن الشيخ مرة في زيارة لبعض الأحباب بالعوينات بالقرب من مدينة جرادة منهم الأخوين الحاج سعيد والحاج لخضر اللذين كانت تربطه بهما علاقة خاصة . فإستضافه الحاج وأحسن ضيافته . وكان ضمن من حضر الضيافة رجل محب كثيرا لسيدي أحمد بن الشيخ يدعى عبد القادر بن الشيخ ويحمل لقب برايدة . وكان فقيرا، ضعيف الحال لا يملك قوت يومه وليس له مصدر للعيش سوى عمل الحلفة الموسمي . إقترض هذا الرجل شاة على قدر الحال من الحاج لخضر ليستضيف عليها سيدي أحمد فإستجاب سيدي أحمد للدعوة، وكان السيد برايدة هذا يسكن خيمة صغيرة ( أي عشة ) على الرغم من كثرة عياله .

وحينما أراد سيدي أحمد بن الشيخ أن يدخل إضطر صاحبها أن يرفع الحصيرة إلى أعلى حتى يستطيع الدخول لأنه كان كما سبقت الإشارة رجلا طويل القامة . وبعد تناول الطعام ودعاء الختم توجه السيد برايدة إلى سيدي أحمد بن الشيخ قائلا : " يا سيدي أحمد ها أنت قد رأيت حالي وكثرة عيالي والفقر المدقع الذي نحن فيه، فإدع الله لي " فأجابه سيدي أحمد : " وماذا تريد يا عبد القادر ؟ " فأسرع قائلا : " أريد يا سيدي أن يتحسن وضعي ويتيسر حالي وتزول عني هذه الفاقة التي ترى " فقال سيدي أحمد : " يا عبد القادر لقد دخلت خيمتك هذه المرة منحنيا وسوف أدخلها المرة المقبلة إن شاء الله فارسا " . وكان الحال كذلك . حيث إن من عظيم كرامات هذا الولي الصالح أنه عاد لزيارته المرة الموالية بعد حوالي سنة فوجد صاحبه قد تحسن حاله تحسينا جيدا وأصبح يسكن خيمة في غاية الكبر يستطيع الرجل أن يدخلها راكبا . وإستمرت الحالة المادية للسيد برايدة في النماء والتوسع يوما بعد يوم حتى أصبح من كبار أغنياء المنطقة .




يروي أنه لما بدأت ثروته في التوسع آتاه سيدي أحمد بن الشيخ وقال له : " يا عبد القادر لا شك أنك تذكر الحال التي كنت عليها وأن الله قد أكرمك من فضله وأنت ترى من حولك حالة الضعف التي يوجد عليها أولاد سيدي عبد الحاكم . فإذا أردت أن تستمر ثروتك في النماء فعليك بالإحسان إليهم وعدم محاسبتهم عما يرتكبون في حقك من أخطاء مخافة أن تعود إلى سابق عهدك " . والحق أن الحاج برايدة قد عمل بالوصية حيث أن عددا من أولاد سيدي عبد الحاكم كانوا يعيشون معه بطرق مختلفة . ولم يسمع عنه أنه أساء إلى أحد منهم بل على العكس هناك من قربه إليه جدا حتى كان يناديه يا إبني .

ومثال على ذلك السيد النوار بن مول الفرعة رحمه الله . ثم إزداد ثراؤه توسعا وذاع صيته حتى جهات متعددة من المغرب لكونه أصبح من أكبر رجال الأعمال في الأشغال الغابوية يملك ورشات عمل في كل المناطق الغابوية بالغرب بما في ذلك غابة المعمورة . وكانت هذه أيضا إحدى كرامات سيدي أحمد بن الشيخ التي يمكن أن نستخلص منها مايلي :

1- ما دام أن لله رجال لو أقسموا على الله لأبرهم فإن إستجابته لدعائهم يكون من باب أولى .
2- إنا لله نفحات يتحتم على المرء إن هو أراد الفوز والفلاح أن يتعرض لها . ومن جملة هذه النفحات :
- تحري أوقات الإجابة في الدعاء خصوصا إذا كان الدعاء مستوفيا للشروط الأخرى .

- الدعاء للأحبة بظهر الغيب أي بلسان لم يسبق أن عصوا الله به .
- ثم إغتنام مجالسة الصالحين وطلب الدعاء منهم مع التسليم والتصديق وحسن القصد خصوصا وأن أولياء الله لا يرد لهم دعاء . ويجب تحين الفرص مع الصالحين وحسن إستغلالها مثلما فعل صاحبنا السيد عبد القادر برايدة والذي حصل منها ما رأيناه . وليته إستغل الفرصة في طلب أشياء ربانية بدل متاع الدنيا الفاني . إلا أنه على الرغم من ثروته الواسعة فقد عرف رحمه الله بالتدين والصلاح .